أنذرتكم النار
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:131-132] اتقوا النار بطاعة الله، وبامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه؛ فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بامتثال أوامر الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
عباد الله: اتقوا النار فإنها دار البوار، والبؤس والشقاء والخزي والعار، دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، دارٌ ساكنها شرار خلق الله تعالى من الشياطين وأتباعهم.
لعل البعض يقول: لماذا هذا المسكين يكرر ذكر الجنة والنار؟ فأقول: يا عبد الله: إن النار هي سجن لمن عصى الله، والجنة رحمة لمن أطاع الله، فلننظر في أعمالنا يا عبد الله، هل تتجدد أعمالنا باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه؟! لا، والله. بل نحن في انحطاط وابتعاد عن أوامر الله واجتناب نواهيه، لماذا؟ لأننا لا نزداد طاعة بعد طاعة على تجدد نعم الله علينا، نعم الله تدر علينا ليل نهار ولكن مع الأسف الشديد نقابلها بالمعاصي والنكران للجميل.
وجوب شكر النعم قبل أن يحل عذاب الله
يا عبد الله: إن كان قلبك مؤمناً بالله ومصدقاً، فإذا سمع ذكر جهنم، يلين ويرعوي ويرجع إلى الله عز وجل، والنار موعد الشيطان الذي عصى وتكبر وطغى، ولكنه سوف يجتذب معه آخرين اتبعوا سنة الشيطان فعصوا الله وعصوا رسوله فموعدهم جهنم، يقول الله: قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:84-85] النار: السجن الذي توعد الله بها العصاة، دار فرعون وهامان ، دار قارون وأبي بن خلف وغيرهم من بغاة الخلق وفجارهم، دار المنافقين وأحزابهم وإخوانهم، هؤلاء هم سكان جهنم، كفار فجرة وطغاة ظلمة، ومنافقون خونة، ولكن سار على نهجهم الأكثرون الآن، فالذي لا يصلي كافر، والمتخلف عن الصلاة والثقيلة عليه منافق {أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً } نعم. ما أكثر الصفوف في غير الفجر والعشاء!
أين هم في الفجر يا عباد الله؟! أين هم في الفجر يا عباد الله؟! أكرر ذلك؛ لأني أخاف أن تزول عنا هذه النعم؛ ولأن ترك الصلاة كفر والعياذ بالله، وتارك الصلاة توعده الله بسقر، وما أدراك ما سقر! طبقة من طباق جهنم.
أما المتخلف عن الصلاة والذي يعتذر بالوظيفة يقول: إذا أتيت من العمل متأخراً وأذان العصر قد حان فأنا أريد أن آكل وأشرب، والصلاة سأقضيها بعد الفراغ، هذا إذا كان حريصاً أما الذي لم يكن حريصاً فإنه إذا أكل وشرب نام وترك صلاة العصر والمغرب حتى العشاء.
فيا عباد الله! إن هذه النعم سوف نحاسب عليها، ونخشى أن ينزل علينا من الله غضب ونحن غافلون، يقول بعض السلف: إذا رأيت الله يدر على عبده النعم وهو يعصيه فاعلم أن ذلك استدراج. نعم -يا عباد الله- والعقاب لا يخص بل يعم، يقول صلى الله عليه وسلم لما سألته إحدى زوجاته قالت: {يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم. إذا كثر الخبث }
إذاً الخبث بأي شيء يغير يا عباد الله؟! يغير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا لم نغير ولم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر فلا نأمن عقاب الله.