ألقى الأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة محاضرة بعنوان «الإصلاح السياسي بين العرب وأمريكا» مساء الأربعاء بقاعة إيورات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وسط حضور مكثف من رجال الفكر والسياسة والإعلام و12 محطة تليفزيونية وفضائية.
حيث تحدث الأمير طلال بصراحته المعهودة عن السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي وما يشوبها من تناقض خاصة فيما يتعلق بالإصلاح الديمقراطي ودعم المجتمع المدني، وتساءل الأمير طلال هل أدارت أمريكا ظهرها لما دعت إليه ورفعته من شعارات الحرية والديمقراطية والمجتمع المدني والعالم الحر دون أن تتخذ منها بوصلة لسياستها الفعلية؟ وضرب سموه أمثلة على ذلك منها مواقفها تجاه شعب فلسطين الوحيد بين شعوب العالم الذي لم ينعم بالحرية وتقرير المصير، وكذلك ما يحدث في العراق من جراء ثمن حرب دون معرفة كافية بواقع هذا البلد والحصول على معلومات دقيقة عما يجري فيه، حيث حدث ما حدث وأصبحت العراق غارقة في مستنقع من الصراعات البدائية والدينية والطائقية والعرقية بدلا من أن يرتفع إلى مستوى التنافس الديمقراطي الحر بين أحزاب وقوى واتجاهات وبرامج يتنافس أصحابها في بناء عراق جديد والذي تحدث عنه وعن ديمقراطيته النموذجية الرئيس الأمريكي جورج بوش وكل معاونيه.
ولكن حين ننظر إلى الواقع تتساءل أين هذا العراق الجديد؟ وأين هذا النموذج الديمقراطي الموعود؟ وأكد الأمير طلال أن ما نراه في العراق قد يحدث أخطر منه لو استمرت الأصوات المتشددة داخل الإدارة الأمريكية وصناع القرار في توجيه ضربة عسكرية لإيران لإجهاض مشروعها النووي. وحذر سموه من أن مثل هذه المغامرة ستقود الشرق الأوسط لمآساة إنسانية أعنف من تلك القائمة في فلسطين والعراق.
وأشار سموه أن الولايات المتحدة في حاجة إلى عون لكي تستطيع مساعدة بلاد المنطقة العربية وإلى أفكار وتصورات تعينها على فهم أفضل لها مضيفاً أن أمريكا تعاني في الوقت الراهن ارتباكا إزاء كثير من القضايا في طليعتها قضية الحركات الإسلامية التي تشارك في الانتخابات للوصول إلى السلطة، وأن هذه القضية قد اكتسبت أهمية خاصة وغير مسبوقة منذ فوز حركة حماس بأغلبية المقاعد النيابية في الانتخابات الفلسطينية وفوز حركة الإخوان المسلمين المصرية بثمانية وثمانين مقعدا في البرلمان المصري فضلا عن اكتساح الأحزاب الإسلامية للانتخابات العراقية الأخيرة.
وأكد سموه أن الإدارة الأمريكية هي التي ساعدت هذا المد الإسلامي وأنه لا يحق لأحد أن يحرم حركات الإسلام السياسي من حقها في المشاركة السياسية. طالما التزمت بالقواعد الديمقراطية وتعهدت باحترام إرادة الناخبين.
وهذه مسألة ينبغي أن نصل إلى حل لها في العالم العربي بمنآى عن أي تدخل أمريكي. ووجه الأمير طلال رسالة إلى صانعي القرار الأمريكي قائلا أن المنطقة العربية لا تتحمل مغامرات تنجم عن اختبارات غير مدروسة تفاديا لحدوث مزيدا من الكوارث التي لحقت بها.
وأنهى سموه كلمته بقوله بأنه قد أصبح التحول الديمقراطي هو محور قضية الإصلاح في مرحلتنا الراهنة، فعلينا أن نتعاون من أجل إنجاز هذا التحول تدريجيا ولكن دون إبطاء عبر برامج زمنية تصل إليها من خلال حوار وطني عام يشارك فيه الجميع دون استحواذ أو استبعاد أو تهميش، في الداخل، ودون ضغوط وتهديدات تأتي من الخارج.