صدرت عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية احصائية تؤكد ان عدد المسجلين خطر في مصر وصل 91 ألف تتوزع اعدادهم بين المحافظات.
وأشارت الاحصائية الي ان اسباب احترافهم الاجرام كعمل ثابت هو عدم وجود وازع ديني يمنعهم من الانحراف اضافة لعدم وجود مصدر ثابت للدخل والشعور بالظلم من معاملة المسئولين والرغبة في تحقيق الكسب السريع.
أشرفت علي هذه الدراسة د.فادية ابوشهبة الاستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
وقالت: انه لابد من تضافر جهود المجتمع لسد حاجة هؤلاء المسجلين خطر والقضاء علي الاسباب التي أدت للحالة التي وصلوا اليها والا تقتصر المواجهة علي القطاع الأمني فقط بل تشمل القطاع الاقتصادي بتوفير أسباب معيشية يمكن خلالها الحد من البطالة التي تعتبر السبب الأول الدافع لارتكاب السلوك الاجرامي. بدليل ان الدول المتقدمة تنخفض بها معدلات الجريمة وان حدث فإن معناه يختلف عن الجريمة بالمفهوم الذي يحدث في بلادنا.
اضافت د.فادية ان القطاع الثقافي عليه دور مهم جداً والثقافة كلمة عامة شاملة للثقافة الدينية والفكرية ويتضمن ذلك الخطاب الديني بلغة عصوية تتناسب ومفهوم الناس في الوقت الحاضر. وانه لابد من تبني رجال الاعمال واصحاب الشركات والمصانع لمبادرة تشغيل المجرمين بعد الافراج عنهم في ظل مراقبة أمنية لسلوكهم وكذلك تفعيل دور الجمعيات الاهلية في حماية أسرهم من الانحراف في ظل غياب آبائهم.
علماء الدين والاجتماع وضعوا روشتة علاج يمكن من خلالها إيقاف مؤشر عدد المسجلين خطر الذي يتنافي مع الأمن المفترض ان يسود المجتمع الاسلامي باعتبار ان تحقيق الأمن الاجتماعي أولي خطوات التنمية التي يهدف التشريع الاسلامي لتحقيقها.
المفكر الاسلامي الدكتور يوسف قاسم قال: هذه الدراسة بها جوانب كثيرة من الحقيقة بل تمثل عنواناً علي الواقع الذي نعيشه والذي أصبح الاجرام فيه لغة سائدة وكلمة إجرام شاملة للسرقة والنصب والتحرش الجنسي والتزوير والاعتداء علي أراضي وأملاك الدولة وأكل مال اليتامي والتعامل بالربا الي غير ذلك مما يطلق عليه جريمة. وهذا يتنافي مع نصوص التشريع الإسلامي التي اشارت الي ما يحبه الله من أمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي ونهيه عن الفحشاء والمنكر والبغي.
الشذوذ الأخلاقي
وأوضح د.قاسم ان احصائية المركز القومي للبحوث أكدت ان فئة الشباب هم أكثر الناس تأثراً بالاحباط التي تحدث بمجتمعهم وينعكس ذلك علي سلوكهم وتصرفاتهم بالاجرام وممارسة الشذوذ الاخلاقي والمداومة عليه بما يسميه فقهاء القانون مسجل خطر. إلا ان الشباب فقدوا القدوة مما جعل الوازع الديني يضعف في نفوسهم فلا يفرقون بين الحلال والحرام وما يجب وما ينهي عنه وبذلك اختلطت لديهم المفاهيم ولم يجدوا من يقول لهم الحقيقة كاملة عما يجب فعله ليكونوا اعضاء صالحين في المجتمع خصوصاً واننا نعاني ضعفا في مستوي الدعاة المختصين بتهذيب سلوكيات المستمعين اليهم بتذكيرهم بكلمات الله وما يأمر به وينهي عنه. فالأسباب متعددة والعلاج لابد ان يكون فاعلاً.
روح العدل
المفكر الإسلامي د.عبدالصبور شاهين قال: ان الشريعة الإسلامية تتميز بروح العدل الذي يجب ان يشيع في الحياة بصفة عامة لا فرق في ذلك بين مسلم وغيره ولا بين اصحاب المراكز والنفوذ أو غيرهم ممن لا يملكون من حطام الدنيا شيئاً لهذا فإن الشريعة تنهي عن الظلم للنفس أو الغير وفي الوقت نفسه جعلت للشخص حقاً علي وطنه متمثلاً في حصوله علي متطلبات حياته وان يختار له القائمين علي أمره أفضل الوسائل لتحقيق تلك الغاية.
أضاف: ذلك ما نصت عليه السنة النبوية فعن قطن بن وهب عن عمه انه كان مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سفر فلما كان قريباً من الروحاء سمع صوت راع في الجبل فعدل اليه فلما دنا منه صاح يا راعي الغنم فأجابه الراعي فقال له: ياراعيها اني مررت بمكان هو أخصب من مكانك وان كل راع مسئول عن رعيته.
وأشار د.شاهين إلي أن الاحصائية السابقة تؤكد وجود خلل في المجتمع وغياب لاحكام الدين ومنهجه عن الحياة بصفة عامة وانه لابد من مراجعة مناهج ابنائنا منذ الصغر فقد انعدمت مادة الدين في الدراسة وتبدلت بها الاخلاق بل ان مادة الدين اصلاً تعامل كمادة اضافية لا تضاف لأصل الدرجات وبالتالي لا يستذكرها الطلاب. وعن المساجد فحدث ولا حرج فقد اصبح المنبر مجرد وظيفة ولم تعد رسالة وبذلك فقد الناس القدوة.
وأكد د.شاهين ان الشباب اليوم لا يجدون أمامهم سوي رموز منحرفة متمثلة في مهربين ومختلسي أموال البنوك ومنحرفين اخلاقيا وهؤلاء يظهرون أمام الناس ليل نهار علي صفحات الجرائد وشاشات التليفزيونات باعتبارهم نجوم المجتمع.
الشعور بالقهر
د.أحمد المجدوب الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قال: الاحصائيات تعكس بصدق واقع المجتمع الذي يعيشه افراده فماذا نتوقع من شباب اسودت الدنيا في عينيه. أولاً البطالة وصلت ارقامها لملايين ومع ذلك يجد الشباب استخفافاً بعقولهم من قبل المسئولين الذين يصرحون بأن هناك وظائف لاتجد من يعمل بها وان المسألة مجرد وقت وبعد سنة او سنتين لن تجد بمصر عاطلاً والاسعار ترتفع بصورة مذهلة والعملة قيمتها تضعف وتنخفض والعلاج اصبح من الصعوبة. كل هذا جعل المواطن يشعر بالقهر النفسي وانه يجب ان يلفت نظر المسئولين اليه بأية وسيلة وان كانت مخالفة وبعدما ذاق مكسب الجريمة ماديا اعتاد علي الكسب السهل البسيط كما ان المسئولين لم يستغلوا فترة السجن في تهذيب اخلاقه فتأصل في نفسه مباديء الاجرام.
أضاف د.المجدوب: ان السجون بها ظاهرة سلبية حيث يخلطون بين المسجون العادي والمحترف مما يجعل من العادي محترفا بالسماع والمعاشرة فقد يثبت ان الطباع تؤثر في الاشخاص. ,,,,,,,,,,,,.نور