يقول الشيخ عبد الحميد البلالي: 1 - اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم: حيث قال تعالى في كتابه الكريم "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" فحب الله لعبده مرتبط ارتباطًا وثيقًا باتباع هذا العبد لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بكل ما قال وما عمل.
2 - محبة المؤمنين والتواضع لهم: حيث قال تعالى في كتابه الكريم "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين" في هذه الآية ذكر لصفات القوم الذين يحبهم الله، وكانت أولى هذه الصفات التواضع وعدم التكبر عليهم، وتقديم المسامحة والعفو على الانتقام، ويبتعد عن الخلاف الذي يوغر الصدور.
3 - أعزة على الكافرين: فلا يذل لهم ولا يخضع، ولا يتبعهم ويأخذ منهم القوانين والأخلاق، ولا يواليهم ويعينهم على المسلمين، وأن يشعر أن ما لديه أرفع مما لديهم من الباطل.
4 - يجاهدون في سبيل الله: وهي الصفة الثالثة التي ذكرت في الآيات، ومعنى الجهاد: جهاد الأعداء وجهاد النفس وإخضاعها لما يحب الله، جهاد الشيطان وما يلقي في النفس من الباطل، جهاد الهوى فهو في تزكية دائمة لنفسه، حتى يصل إلى الجنة.
5 - ولا يخافون لومة لائم: وهي الصفة الرابعة في الآيات، فعندما يقوم بواجبه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يهمه من يلومه، وكذلك إذا ما قام بالتزامه بأوامر دينه لا يهمه من يستهزئ به ويلومه، كما لا يكون هذا اللوم عائقًا يمنعه من القيام بواجبه.
6 - القيام بالفرائض:وذلك لما جاء في صحيح البخاري "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه…".
7 - القيام بالنوافل: وتكملة الحديث السابق "وما زال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه" والنوافل كل عبادة ليست فرضًا، كقراءة القرآن والصدقات والأذكار وزيارة المقابر ومساعدة الضعفاء.
8 - الحبّ في الله: حيث ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه: "حقت محبتي للمتحابين فيّ..." فكلما أحببت أخاك في الله أحبك الله.
9 - التواصل في الله: وتكملة الحديث السابق "وحقت محبتي للمتواصلين فيّ..." أي أن تكون العلاقات والصلة مبنية على محبة الله لا لمصلحة من مصالح الدنيا.
10- التناصح في الله: تكملة الحديث "وحقت محبتي للمتناصحين فيّ...".
11- التزاور في الله: "وحقت محبتي للمتزاورين فيّ...".
12- التباذل في الله: "وحقت محبتي للمتباذلين فيّ…" أي يبذل كل منهم ما لديه لأخيه لله وليس لأي غرض من أغراض الدنيا.
هذه بعض صفات محبة الله للعباد نسأل الله تعالى أن نكون من عبيده الذين يحبهم".
وهناك أيضاً حبّ الناس له والقبول في الأرض ، كما في حديث البخاري: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض".
وأوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أسباب حبِّ الناس له في الحديث: "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام" المعجم الصغير".
ويضيف الدكتور كمال المصري:
انتهت إجابة الشيخ البلالي حول علامات وأسباب حبِّ الله للعبد، وللإمام أبي حامد الغزالي كلامٌ طيبٌ في علامات محبة الله للعبد، يجدر بنا ذكره هنا رغم طوله: "اعلم أن المحبة يدعيها كل أحد، وما أسهل الدعوى وما أعز المعنى. فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان وخدع النفس مهما ادعت محبة الله تعالى، ما لم يمتحنها بالعلامات، ولم يطالبها بالبراهين والأدلة، والمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح، وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار، ودلالة الثمار على الأشجار.
وهي كثيرة، فمنها حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السلام، فلا يُتَصَوَّر أن يحب القلب محبوبًا إلا ويحب مشاهدته ولقاءه، وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت فينبغي أن يكون محبًا للموت غير فارٍّ منه، فإن المحب لا يقل عليه السفر عن وطنه إلى مستقر محبوبه ليتنعم بمشاهدته، والموت مفتاح اللقاء، وباب الدخول إلى المشاهدة، قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه".
ومنها: أن يكون مؤْثِرًا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهرة وباطنه، فيلزم مشاقّ العمل ويجتنب اتباع الهوى، ويعرض عن دَعة الكسل، ولا يزال مواظبًا على طاعة الله ومتقربًا إليه بالنوافل، وطالبًا عنده مزايا الدرجات كما يطلب المحب مزيد القرب في قلب محبوبه، وقد وصف الله المحبين بالإيثار فقال: "يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة".
ولذلك قال ابن المبارك فيه:
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه... هذا لعمري في الفعال بديعُ
لو كان حبُّك صادقًا لأطعـته... إن المحـب لمـن يـحـب مطـيعُ
ومنها: أن يكون مستهترًا (المستهتر بالشيء: المولع به) بذكر الله تعالى، لا يفتر عنه لسانه ولا يخلو عنه قلبه، فمن أحب شيئًا أكثر بالضرورة من ذكر ما يتعلق به، فعلامة حب الله حب ذكره، وحب القرآن الذي هو كلامه، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب كل من ينسب إليه.
ومنها: أن يكون أنسه بالخلوة، ومناجاته لله تعالى، وتلاوة كتابه، فيواظب على التهجد، ويغتنم هدوء الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق، وأقل درجات الحب التلذذ بالخلوة بالحبيب والتنعم بمناجاته، فمن كان النوم والاشتغال بالحديث ألذ عنده وأطيب من مناجاة الله كيف تصح محبته؟
ومنها: أن لا يتأسف على ما يفوته مما سوى الله عز وجل، ويعظم تأسفه على فوت كل ساعة خلت عن ذكر الله تعالى وطاعته، فيكثر رجوعه عن الغفلات بالاستعطاف والاستعتاب والتوبة، قال بعض العارفين: إن لله عباداً أحبوه واطمأنوا إليه، فذهب عنهم التأسف على الفائت، فلم يتشاغلوا بحظ أنفسهم إذ كان مُلك مليكهم تامًا، وما شاء كان، فما كان لهم فهو واصل إليهم، وما فاتهم فبحسن تدبيره لهم.
ومنها: أن يتنعم بالطاعة ولا يستثقلها، ويسقط عنه تعبها، كما قال بعضهم: كابدتُ الليل عشرين سنة، ثم تنعمتُ به عشرين سنة.
وقال الجنيد: علامة المحب دوام النشاط والدءوب، بشهوة تفتر بدنه ولا تفتر قلبه.
ومنها: أن يكون مشفقًا على جميع عباد الله، رحيمًا بهم، شديدًا على جميع أعداء الله وعلى كل من يقارف شيئًا مما يكرهه، كما قال الله تعالى: "أشداء على الكفار رحماء بينهم"، ولا تأخذه لمة لائم، ولا يصرفه عن الغضب لله صارف.
ومنها: أن يكون في حبه خائفًا متضائلاً، تحت الهيبة والتعظيم، وقد يظن أن الخوف يضاد الحب، وليس كذلك، بل إدراك العظمة يوجب الهيبة، كما أن إدراك الجمال يوجب الحب، ولخصوص المحبين مخاوف في مقام المحبة ليست لغيرهم، وبعض مخاوفهم أشد من بعض.
فأولها: خوف الإعراض، وأشد منه خوف الحجاب، وأشد منه خوف الإبعاد، وهذا المعنى في سورة هود هو الذي شيب سيد المحبين (إشارة إلى حديث قوله صلى الله عليه وسلم: "شيبتني هود") إذ سمع قوله تعالى: "ألا بُعْدًا لثمود"، "ألا بعدًا لمدين كما بعدت ثمود"".
وأبرز ملاحظةٍ في هذه العلامات والأسباب أنها في معظمها أفعالٌ إنسانيةٌ تعاملية، ترتبط بالمجتمع والناس وحياتهم وسلوكهم.
أخي الداعية: تريد حبَّ الله تعالى؟ التزم الفرائض وتزود بالنوافل، واتبع نبيك صلى الله عليه وسلم، وكن نافعاً للناس، شاركهم حياتهم، زرهم، ابذل لهم، اخدمهم، اسع في حاجتهم، أدخل السرور إلى قلوبهم.
افعل ذلك وسينادي الله تعالى جبريل عليه السلام ليخبره أنه يحبك...