| فوائد الذنوب | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: فوائد الذنوب السبت مارس 28, 2009 6:17 pm | |
| مشاهدة حكمة الله في أقضيته وأقداره التي يجريها على عباده باختياراتهم وإراداتهم هي من ألطف ما تكلم فيه الناس وأدقِّهِ وأغمضِهِ.
وفي ذلك حِكَمٌ لا يعلمها إلا الحكيمُ العليمُ سبحانه، ونحن نشير إلى بعضها:
فمنها: أنه سبحانه يُحِبُّ التَّوابينَ، حتى إنه من محبته لهم يفرح بتوبة أحدهم أعظم من فرح الواحد براحلته التي عليها طعامهُ وشرابهُ في الأرض الدَّوَّيَّةِ المُهلِكَةِ إذا فقدها وأيِسَ منها(1)، وليس في أنواع الفرح أكملُ ولا أعظمُ من هذا الفرح ولولا المحبة التامة للتوبة ولأهلها لم يحصل هذا الفرح.
_____________
(1) كما رواه مسلم (2744) عن أبن مسعود. والدَّوَّية: المفازةُ الخالية.
ومن المعلوم أن وجود المسبب بدون سببه مُمتنعٌ، وهل يوجدُ ملزومٌ بدون لازمه، أو غايةٌ بدون وسيلتها؟!.
وهذا معنى قول بعض العارفين: ولو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم المخلوقات عليه.
فالتوبة هي غاية كمال كل آدمي، وإنَّما كان كمالُ أبيهم بها، فكم بين حالة وقد قيل له:{ إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } وبين قوله:{ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى } فالحالُ الأَوَّلُ حالُ أكلٍ وشربٍ وتمتُّعٍ، والحالُ الأخرى حالُ اجتباءٍ واصطفاءٍ وهدايةٍ، فيا بُعْدَ ما بينهما! ولمّا كان كمالُهُ بالتَّوبَةِ كانَ كمالُ بنيهِ أيضاً بها، كما قال تعالى:{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }[الأحزاب:73].
فكمالُ الآدميِّ في هذه الدَّارِ بالتَّوبَةِ النَّصُوحِ، وفي الآخرَةِ بالنَّجاةِ منَ النَّارِ ودخولِ الجنَّةِ، وهذا الكمالُ مُرتَّبٌ على كمالهِ الأوَّل.
والمقصودُ أنَّهُ سبحانهُ لِمحبَّتِه التَّوبَةَ وفَرَحِة بها يَقْضي على عبدهِ بالذَّنبِ، ثمَّ إِنْ كانَ ممَّن سَبَقَتْ له الحسنى قضى لهُ بالتَّوبَة، وإنْ كان ممَّن غلبت عليه الشقاوةُ أقامَ عليه حُجَّةَ عَدلِهِ وعاقَبَةُ بذنبه.
ومنها: أنه سبحانه يحب أن يتفضل عليهم، ويُتِمَّ عليهم نِعَمَهُ، ويُريهم مواقع برَّهِ وكرمهِ، فلمحبَّتهِ الإِفضالَ والإِنعامَ يُنَوَّعُهُ عليهم أعظم الأنواع وأكثرها في سائر الوجوه الظاهرةِ والباطنةِ.
ومن أعظم أنواع الإحسانِ والبرَّ أن يُحسِنَ إلى من أساءَ، ويعفو عمَّن ظلم، ويغفرَ لمن أذنب، ويتوب على من تاب إليه، ويقبل عُذر من اعتذر إليه.
وقد ندب عبادهُ إلى هذه الشِّيم الفاضلة والأفعال الحميدة - وهو أولى بها منهم وأحقَّ - وكان لهُ في تقدير أسبابها من الحِكَمِ والعواقب الحميدة ما يبهرُ العقولَ، فسبحانه وبحمده.
ومنها: انَّهُ سبحانهُ لهُ الأسماءُ الحُسنى، ولكلِّ اسمٍ من أسمائهِ أثرٌ من الآثار في الخلق والأمر، فلو لم يكن في عباده من يُخْطِيءُ ويُذنبُ ليتوب عليه ويغفر لهُ ويعفو عنهُ لن يظهر اثرُ أسمائهِ الغفور والعفوَّ والحليم والتَّواب وما جَرى مجراها.
ومنها: أنَّه سبحانهُ يُعرِّفُ عبادهُ عزَّهُ في قضائه وقدره ونفوذ مشيئته، وجريان حكمته، وأنَّه لا محيص للعبد عمَّا قضاهُ عليه ولا مفرَّ له منه، بل هو في قبضة مالكه وسيَّده، وأنَّه عبدُهُ وابنُ عبدهِ وابنُ أمتهِ، ناصيتهُ بيدهِ، ماضٍ فيه حكمهُ، عدلٌ فيه قضاؤهُ.
ومنها: أنَّه يُعَرِّفُ العبد حاجتَهُ إلى حفظه له ومعونته وصيانته، وأنَّه كالوليد الطَّفلِ؛ في حاجته إلى من يحفظُهُ ويصونُهُ، فإن لم يحفظهُ مولاهُ الحقُّ ويصونهُ ويعينهُ فهو هالكٌ ولا بدَّ، وقد مَدَّتِ الشياطينُ أيديها إليه من كل جانبٍ تُريدُ تمزيق حاله كلَّهِ، وإفسادَ شأنهِ كلَّهِ، وأنَّ مولاهُ وسيِّدَهُ إن وكَلَهُ إلى نفسه وكَلَهُ إلى ضَيْعَةٍ وعَجزٍ وذنبٍ وخطيئةٍ وتفريطٍ، فهلاكُهُ أدنى إليه من شِراكِ نعلهِ.
فقد أجمع العلماءُ باللهِ على أنَّ التَّوفيقَ أن لا يَكِلَ اللهُ العَبدَ إلى نفسه، وأجمعوا على أنَّ الخِذْلانَ أن يُخلَّيَ بينهُ وبين نفسه. | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب السبت مارس 28, 2009 6:18 pm | |
| ومنها: انه سبحانه يستجلب من عبده بذلك ما هو من أعظم أسباب السعادة له؛ من استعاذته واستعانته به من شر نفسه، وكيد عدوه، ومن أنواع الدعاء والتضرع والابتهال والإنابة والفاقة والمحبة والرجاء والخوف، وأنواع من كمالات العبد تبلغ نحو المئة، ومنها مالا تدركه العبارة، وإنما يدرك بوجوده فيحصل للروح بذلك قرب خاص لم يكن يحصل بدون هذه الأسباب، ويجد العبد من نفسه كأنه ملقىً على باب مولاه بعد أن كان نائياً عنه، وهذا الذي أثمر له: {إن الله يحبُّ التوابين}، وهو ثمرة "لله أفرح بتوبة عبده...".
وأسرار هذا الوجه يضيق عنها القلب واللسان.
فكم بين عبادةِ مُدلِّ صاحبُها على ربه بعبادته، شامخٌ بأنفه؛ كلما طُلب منه أوصاف العبد قامت صور تلك الأعمال في نفسه، فحجبته عن معبوده وإلهه، وبين عبادة من قد كسر الذُل قلبه كل الكسرِ، وأحرق ما فيه من الرعونات والحماقات والخيالات، فهو لا يرى نفسه إلا مُسيئاً، كما لا يرى ربه - إلا مُحسناً، فهو لا يرضى أن يرى نفسه طرفة عين قد كسر ازدراؤه على نفسه قلبه، وذلل لسانه وجوارحه، وطأطأ منه ما ارتفع من غيره، فقلبه واقف بين يدي ربه وقوف ناكس الرأس خاشع خاضع غاضَّ البصر خاشع الصوت هادئ الحركات، قد سجد بين يديه سجدةً إلى الممات، فلو لم يكن من ثمرة ذلك القضاء والقدر إلا هذا وحده لكفى به حكمةً، والله المستعان.
ومنها: أنه سبحانه يستخرج بذلك من عبده تمام عبوديته؛ فإن تمام العبودية هو بتكميل مقام الذل والانقياد، وأكمل الخلق عبودية أكملهم ذلاًّ لله وانقياداً وطاعةً، والعبد ذليل لمولاه الحق بكل وجه من وجوه الذل؛ فهو ذليل لعزه، وذليل لقهره، وذليل لربوبيته فيه وتصرفه، وذليل لإحسانه إليه وإنعامه عليه، فإن من أحسن إليك فقد استعبدك، وصار قلبك معبداً له وذليلا تعبد له لحاجته إليه على مدى الأنفاس في جلب كل ما ينفعه ودفع كل ما يضره.
وهنا نوعان من أنواع التذلل والتعبد، لهما اثر عجيب يقتضيان من صاحبهما من الطاعة والفوز مالا يقتضيه غيرهما:
أحدهما: ذُل المحبة، وهذا نوع آخر غير ما تقدم، وهو خاصة المحبة ولبها، بل روحها وقوامها وحقيقتها، وهو المراد على الحقيقة من العبد لو فطن، وهذا يستخرج من قلب المحب من أنواع التقرب والتودد والتملق والإيثار والرضا والحمد والشكر والصبر والتندم وتحمل العظائم مالا يستخرجه الخوف وحده، ولا الرجاء وحده، كما قال بعض الصحابة: إنه ليستخرج محبته من قلبي من طاعته مالا يستخرجه خوفه، أو كما قال؛ فهذا ذلُّ المحبين.
الثاني: ذلُّ المعصية؛ فإذا أنضاف هذا إلى هذا هناك فنيت الرسوم، وتلاشت الأنفس، واضمحلت القلوب، وبطلت الدعاوى جملة، وذهبت الرعونات، وطاحت الشطحات، ومحيي من القلب واللسان: أنا وأنا، واستراح المسكين من شكاوى الصدود والإعراض والهجر وتجرد الشهود، فلم يبق إلا شهود العز والجلال الشهود المحض الذي تفرد به ذو الجلال والإكرام الذي لا يشاركه أحد من خلقه في ذرة من ذراته، وشهود الذل والفقر المحض من جميع الوجوه بكل اعتبار، فيشهد غاية ذله وانكساره، وعزة محبوبه وجلاله، وعظمته وقدرته وغناه.
فإذا تجرد له هذان الشهودان ولم يبق ذرَّةٌ من ذرات الذُّل والفقر والضرورة إلى ربه إلا شاهدها فيه بالفعل، وقد شهد مقابلها هناك، فلله أي مقام أقيم فيه هذا القلب إذ ذاك؟ وأي قرب حظي به؟ وأي نعيم أدركه؟ وأي روح باشره؟
فتأمل الآن موقع الكسرة التي حصلت له بالمعصية في هذا الموطن ما أعجبها! وما أعظم موقعها!
كيف جاءت فمحقت من نفسه الدعاوي والرعونات وأنواع الأماني الباطلة، ثم أوجبت له الحياء والخجل من صالح ما عمل، ثم أوجبت له استكثار قليل ما يرد عليه من ربه - لعلمه بأن قدره اصغر من ذلك، وأنه لا يستحقه - واستقلال أمثال الجبال من عمله الصالح بأن سيئاته وذنوبه تحتاج من المكفرات والماحيات إلى أعظم من هذا، فهو لا يزال محسناً وعند نفسه المسيء المذنب منكسراً ذليلاً خاضعاً، لا يرتفع له رأس، ولا ينقام له صدر، وإنما ساقه إلى هذا الذل - والذي أورثه إياه - مباشرة الذنب، فأي شيء انفع له من هذا الدواء؟!
لعل عتبك محمودٌ عواقبهُ .... وربما صحَّت الأجسام بالعِلَلِ
ونكتةُ هذا الوجه أن العبد متى شهد صلاحهُ واستقامتهُ شمخ بأنفه وتعاظمت نفسه، وظن أنه... وأنه... فإذا اُبتلى بالذنب تصاغرت إليه نفسه، وذل وخضع وتيقن أنه... وأنه... .
ومنها: أن العبد يعرف حقيقة نفسه، وأنها الظالمة، وان ما صدر منها من شر فقد صدر من أهله ومعدنه، إذ الجهل والظلم منبع الشر كله، وأن كل ما فيها من خير وعلم وهدى وإنابةٍ وتقوىً فهو من ربها تعالى، هو الذي زكَّاها به، وأعطاها إيَّاه، لا منها، فإذا لم يشأ تزكية العبد تركه مع دواعي ظلمه وجهله، فهو تعالى الذي يُزكِّى من يشاءُ من النفوس، فتزكو وتأتي بأنواع الخير والبر، ويترك تزكية من يشاء منها فتأتي بأنواع الشر والخبث.
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم آت نفسي تقواها، وزكَّها أنت خير من زكَّاها أنت وليَّها ومولاها"(3).
_______________
(3)رواه مسلم(2722) من حديث زيد بن أرقم.
فإذا ابتلى اللهُ العبدَ بالذنب عرف نفسه ونقصها، فرُتِّبَ له على ذلك التعريف حِكَمٌ ومصالح عديدة،
منها انه يأنف من نقصها ويجتهد في كمالها. | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب السبت مارس 28, 2009 6:19 pm | |
| منها انه يأنف من نقصها ويجتهد في كمالها.
ومنها أنه يعلم فقرها دائما إلى من يتولاها ويحفظها.
ومنها: تعريفه سبحانه عبده سعة حلمه، وكرمهُ في ستره عليه، وأنه لو شاء لعاجله على الذنب ولهتكه بين عباده، فلم يطب له معهم عيش أبداً، ولكن جلله بستره، وغشَّاهُ بحلمه، وقيَّض له من يحفظه وهو في حالته تلك، بل كان شاهداً وهو يبارزه بالمعاصي والآثام، وهو مع ذلك يحرسه بعينه التي لا تنام.
وقد جاء في بعض الآثار:" يقول الله تعالى: أنا الجواد الكريم، من أعظم مني جوداً وكرماً، عبادي يبارزونني بالعظائم وأنا أكلوهم في منازلهم"؛ فأي حلم أعظم من هذا الحلم؟! وأي كرم أوسع من هذا الكرم؟!
فلولا حلمهُ وكرمهُ ومغفرتهُ لما استقرت السمواتُ والارضُ في أماكنها.
وتأمل قوله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }[فاطر:41]، هذه الآيةُ تقتضي الحلم والمغفرة، فلولا حلمه ومغفرته لزالتا عن اماكنهما، ومن هذا قوله تعالى :{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا }[مريم:90].
ومنها: تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته، وأنه رهينٌ بحقه، فإن لم يتغمَّدهُ بعفوه ومغفرته و إلا فهو من الهالكين لا محالة، فليس أحدٌ من خلقه إلا وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو مُحتاجٌ إلى فضله ورحمته.
ومنها: تعريفه عبده كرمه سبحانه في قبول توبته ومغفرته له على ظُلمه وإساءته، فهو الذي جاد عليه بأن وفقه للتوبة، وألهمه إياها، ثم قبلها منه فتاب عليه أولاً وآخراً، فتوبة العبد محفوفةٌ بتوبة قبلها عليه من الله إذْناً وتوفيقاً ، وتوبةٍ ثانيةٍ منه عليه قبولاً ورضاً، فله الفضل في التوبة والكرم أولاً وآخراً لا إله إلا هو.
ومنها: إقامة حجة عدله على عبده ليعلم العبد أن لله عليه الحُجة البالغة، فإذا أصابهُ ما أصابهُ من المكروه فلا يقال: أنَّى هذا؟ ولا: من أين أتيت؟ ولا: بأيَّ ذنب أصبتُ؟ فما أصاب العبد من مصيبة قط - دقيقة ولا جليلة - إلا بما كسبت يداهُ وما يعفو الله عنه أكثر، وما نزل بلاءٌ قط إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة.
ولهذا وضع الله المصائب والبلايا والمحن رحمةً بين عباده يُكفِّرُ بها من خطاياهم، فهي من أعظم نعمه عليهم وإن كرهتها أنفسهم، ولا يدري العبد أي النعمتين عليه أعظم: نعمته عليه فيما يكرهُ؟ أو نعمته عليه فيما يحب؟
و"ما يصيبُ المؤمن من همٍّ ولا وصب ولا أذىً حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه" (4)، وإذا كان للذنوب عقوبات - ولا بد – فكل ما عوقب به العبد من ذلك قبل الموت خير له مما بعده وأيسر وأسهل بكثير.
_____________
(4) رواه- بنحوه – مسلم (2573)(52) عن أبي سعيد وأبي هريرة .
ومنها: أن يُعامل العبد بني جنسه في إساءتهم إليه وزلاتهم معه بما يحب أن يعامله الله به في إساءته وزلاته وذنوبه؛ فإن الجزاء من جنس العمل؛ فمن عفى عفى الله عنه، ومن سامح أخاه في إساءته إليه سامحه الله في إساءته، ومن أغضى وتجاوز تجاوز الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه.
ولا تنس حال الذي قبضت الملائكة روحه، فقيل له: هل عملت خيراً؟ هل عملت حسنة؟ قال: ما اعلمه، قيل: تذكَّر، قال: كنت أُبايعُ الناس فكنت أُنْظِرُ المُوسرَ وأتجاوز عن المُعسر، أو قال: كنت آمرُ فتياني أن يتجاوزوا في السِّكَّةِ فقال الله: نحن أحق بذلك منك، وتجاوز الله عنه (5).
______________
(5) رواه البخاري (1971)ومسلم(1560) عن حذيفة، بنحوه.
فالله عز وجل يُعاملُ العبد في ذنوبه بمثل ما يُعاملُ به العبد الناس في ذنوبهم.
فإذا عرف العبد ذلك كان في ابتلائه بالذنوب من الحكم والفوائد ما هو انفع الأشياء له.
ومنها: انه إذا عرف هذا فأحسن إلى من أساء إليه، ولم يقابله بإساءته إساءة مثلها تعرض بذلك لمثلها من ربه تعالى، وأنه سبحانه يُقابل أساءته وذنوبه بإحسانه، كما كان هو يُقابل بذلك إساءة الخلق إليه، والله أوسعُ فضلاً وأكرمُ، وأجزلُ عطاءً، فمن أحب أن يقابل الله إساءته بالإحسان فليقابل هو إساءة الناس إليه بالإحسان، ومن علم أن الذنوب والإساءة لازمة للإنسان لم تعْظُم عنده إساءة الناس إليه.
فليتأمل هو حاله مع الله، كيف هي؟ مع فرط إحسانه إليه وحاجته هو إلى ربه، وهو هكذا له.
فإذا كان العبد هكذا لربه فكيف يُنكرُ أن يكون الناس له بتلك المنزلة؟!
ومنها: انه يقيم معاذيرُ الخلائق، وتتَّسع رحمته لهم، ويزول عنه ذلك الحصر والضيق والانحراف وأكل بعضه بعضاً، ويستريح العُصاةُ من دعائه عليهم، وقنوته عليهم، وسؤال الله أن يخسف بهم الأرض ويسلط عليهم البلاء؛ فإنه حينئذ يرى نفسه واحداً منهم، فهو يسأل الله لهم ما يسأله لنفسه، وإذا دعا لنفسه بالتوبة والمغفرة أدخلهم معه؛ فيرجو لهم فوق ما يرجو لنفسه، ويخاف على نفسه أكثر مما يخاف عليهم، فأين هذا من حاله الأولى وهو ناظر إليهم بعين الاحتقار والازدراء لا يجد في قلبه رحمةً لهم ولا دعوة، ولا يرجو لهم نجاةً؟ فالذنب في حق مثل هذا من أعظم أسباب رحمته، مع هذا فيُقيمُ أمر الله فيهم طاعةً لله ورحمةً بهم وإحساناً إليهم إذ هو عين مصلحتهم، لا غلظةً ولا قُوةً ولا فظاظة.
ومنها: أن يخلع صولة الطاعة من قلبه، وينزع عنه رداء الكبر والعظمة الذي ليس له، ويلبس ردءا الذل والانكسار والفقر والفاقة، فلو دامت تلك الصَّولةُ والعزَّة في قلبه لخيف عليه ما هو من أعظم الآفات كما في الحديث:" لو لم تُذنبوا لخفتُ عليكم ما هو أشدُّ من ذلك؛ العُجْبَ"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فكم بين آثار العُجْبِ والكبر وصولة الطاعة وبين آثار الذل والانكسار! كما قيل: يا آدم لا تجزع من كأس ذُلٍّ كانت سبب كيسك، فقد استخرج منك داء العُجْبِ، وأُلْبستَ رداء العبودية! يا آدم لا تجزع من قولي لك: اُخرج منها، فلك خلقتُها، ولكن انزل إلى دار المجاهدة وابذر بذر العبودية، فإذا كَمُلَ الزرع واستحصد فتعال فاستوفه.
لا يوحشنَّك ذاك العَتْبُ إنِّ لهُ .... لُطفاً يُريك الرِّضا في حالة الغضب
فبينما هو لابسٌ ثوب الإذلال الذي لا يليقُ بمثله تداركه ربُّهُ برحمته، فنزعهُ عنه، وألبسهُ ثوب الذُّلِّ الذي لا يليق بالعبد غيرهُ فما لبس العبد ثوباً أكمل عليه ولا أحسن ولا أبهى من ثوب العبودية، وهو ثوب المذلَّة الذي لا عزَّ له بغيره.
ومنها: إن لله عز وجل على القلوب أنواعاً من العبودية؛ من الخشية والخوف والإشفاق وتوابعها؛ من المحبة والإنابة وابتغاء الوسيلة إليه وتوابعها.
وهذه العبوديات لها أسبابٌ تهيجها وتبعث عليها، فكل ما قيَّضه الربُّ تعالى لعبده من الأسباب الباعثة على ذلك المهيجة له فهو من أسباب رحمته له، ورُبَّ ذنبٍ قد هاج لصاحبه من الخوف والإشفاق والوجل والإنابة والمحبة والإيثار والفرار إلى الله مالا يهيجهُ له كثير من الطاعات!
وكم من ذنب كان سبباً لاستقامة العبد وفراره إلى الله وبُعده عن طرق الغيِّ! وهو بمنزلة من خلط فأحس بسوء مزاجهِ، وكان عنده أخلاطٌ مزمنةٌ قاتلةٌ وهو لا يشعر بها، فشرب دواءً أزال تلك الأخلاط العفنة التي لو دامت لترامت به إلى الفساد والعطب، وان من تبلغ رحمته ولطفه وبرُّهُ بعبده هذا المبلغ وما هو أعجبُ وألطفُ منهُ لحقيقٌ بان يكون الحبُّ كلُّهُ له، والطَّاعاتُ كلُّها له، وأن يُذكر فلا يُنسى، ويُطاعَ فلا يُعصى ويُشكر فلا يُكفر. | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب السبت مارس 28, 2009 6:27 pm | |
| معلش يا جماعه معرفتش اكمل الموضوع علشان هوه كبير جدا واتكتبلي ان طول رسالتك يتعدي الطول المسموح تحياتي | |
|
| |
نور عضو متالق
عدد الرسائل : 1241 العمر : 35 مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 15/11/2008
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الأحد مارس 29, 2009 1:46 am | |
| لا يوحشنَّك ذاك العَتْبُ إنِّ لهُ .... لُطفاً يُريك الرِّضا في حالة الغضب........مشكور ياروح قلبى تسلم موضوع جميل اوى ومنتظرة كل ماهو جديدك | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الأحد مارس 29, 2009 7:26 am | |
| تسلمي يا نور علي المرور الجميل ده نورتي صفحتي تحياتي | |
|
| |
ibrahim_maradona مشرف منتدى المنوعات
عدد الرسائل : 236 العمر : 33 المهنة : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الإثنين أبريل 06, 2009 12:05 am | |
| محمد عشان نعرف نقرا اى موضوع تكتبه يكون متوسط شويه عشان الواحد ميملش من القراءه ده منتدى مش كتاب يعنى هات المفيد
ولو كله مفيد يبقى قسمه ع كذه موضوع
شكرا ع موضوعك واتمنى تكون فهمت النصيحه | |
|
| |
مصطفى سلطان مشرف المنتدى الاسلامى
عدد الرسائل : 183 العمر : 33 الموقع : www.way2allah.com المهنة : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 07/11/2008
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الإثنين أبريل 06, 2009 3:33 am | |
| جزاك الله خيرا حبيب قلبى
وأسأل الله ان ينفع بك
أحبكم فى الله | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الإثنين أبريل 06, 2009 4:24 pm | |
| مشكور يا هيما علي النصيحه الجميله دي | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الإثنين أبريل 06, 2009 4:24 pm | |
| تسلم يا مصطفي علي المرور الغالي مشكور روح قلبي | |
|
| |
مصطفى سلطان مشرف المنتدى الاسلامى
عدد الرسائل : 183 العمر : 33 الموقع : www.way2allah.com المهنة : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 07/11/2008
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الإثنين أبريل 06, 2009 7:41 pm | |
| - عاشق ابوتريكه كتب:
- تسلم يا مصطفي علي المرور الغالي
مشكور روح قلبي يشهد الله أنى أحبك فى الله فجزاك الله خيرا وأتمنى أن أتشرف بك أخى الحبيب | |
|
| |
عاشق ابوتريكه عضو ماسى
عدد الرسائل : 397 العمر : 32 الموقع : علي المنتدي مزاجى : المهنة : البلد : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 08/01/2009
| موضوع: رد: فوائد الذنوب الأحد أبريل 19, 2009 5:35 am | |
| مشكور يا مصطفي علي زوئك نورك الصفحه بمرورك الجميل | |
|
| |
| فوائد الذنوب | |
|